تعليمات التخلص من رهبة المسرح ومواجهة الجماهير

رهبة المسرح هي حالة نفسية تصيب البعض عند اضطرارهم لمواجهة أعداد كبيرة من الجماهير، يعتقد البعض أن تلك الحالة تقتصر على الممثلين فقط، بينما الحقيقة أنها تصيب الكثير من الأشخاص في مجالات مختلفة، مثل المحاضرون في الجامعات وحلقات النقاش المفتوح والعلماء والكتاب وغيرهم ممن يقيمون الندوات بالإضافة إلى كل شخص يضطر إلى إلقاء خطاب ما في أي فعالية مثل المؤتمرات السياسية أو حفلات التأبين أو غير ذلك، ورغم أن رهبة المسرح ظاهرة طبيعية تصيب الجميع إلا أن الخبراء اهتموا بتوجيه مجموعة من النصائح والتعليمات التي يمكن من خلالها التغلب على تلك المشكلة أو على الأقل التقليل من شدتها.

ماذا تحتاج لتنفيذ هذه التعليمات؟

إجراء تجارب الأداء :

من أبرز أساليب التغلب على رهبة المسرح الاهتمام بإجراء تجارب الأداء أو ما يعرف أيضاً باسم البروفة، على أن يتم إجراء تلك التجارب أمام معاونيك في العرض إذ كان عرضاً جماعياً، أو يمكن الاستعانة بأفراد العائلة والأصدقاء وإلقاء الخطاب عليهم.

من أبرز فوائد تجربة الأداء أنها تتيح لك فرصة الاستفاد من انتقادات الآخرين، حيث أنهم بعد المشاهدة سيعطونك آرائهم وملاحظاتهم وينبهونك إلى الأخطاء التي وقعت بها ومن ثم يمكن تلافيها أثناء تقديم العرض الفعلي، كما أن تلك التجارب تزيد من ثقة المسرحي في نفسه وبالتالي تقلل من شدة الإحساس بالرهبة الذي ينتابه لحظة الصعود إلى المسرح.

تخيل النجاح بعد انتهاء العرض لتجنب رهبة المسرح :

يقول خبراء التنمية البشرية أن الأفكار تجذب النتائج من نفس نوعها، بمعنى أن سيطرة الأفكار السلبية على رأس الشخص تجذب إليه المصائب والأخطاء، بينما الفكر الإيجابي يحقق نتائج عكسية ويعد من أهم خطوات النجاح في مختلف المجالات.

بناء على ذلك يكون التفكير الإيجابي أحد أساليب مكافحة رهبة المسرح ويتم هذا عن طريق تخيل لذة نجاح العرض وتصفيق الجماهير، وفي ذات الوقت منع العقل من الجنوح إلى الأفكار السلبية وطرح الأسئلة الهدامة مثل: ماذا سيحدث إذا أخفقت؟ ماذا لو نسيت ما علي قوله.. إلخ. فقط قم بالتركيز على النجاح الذي ستلقاه وذلك سيزيد ثقتك بنفسك ويحفزك لإخراج أفضل ما لديك.

المتعة والمرح والضحك :

إن كنت تبحث عن وسيلة للقضاء بصورة تامة على المشاعر السلبية المتمثلة في القلق والتوتر و رهبة المسرح ومواجهة الجماهير، فتلك الوسيلة هي الضحك من القلب وقضاء أوقاتاً ممتعة برفقة الأصدقاء أو الأشخاص المقربون.

ينصح الخبراء بضرورة الحرص على قضاء أوقاتاً ممتعة خلال فترة النهار التي تسبق العرض الفعلي، حيث أن ذلك سيساعد في التخفيف من حدة التوتر والضغوط ويحسن الحالة المزاجية، وكلها أمور تنعكس بشكل إيجابي على الإنسان وتزيد ثقته في نفسه، ويمكن القيام بذلك بصورة بسيطة من خلال الآتي:

• الخروج للتنزه برفقة الأصدقاء
• مشاهد الأفلام الكوميدية أو مقاطع الفيديو المضحكة على الإنترنت
• قضاء وقت ممتع مع طفلك الصغير فالأطفال من أقوى مصادر الطاقة الإيجابية

ممارسة تمارين الاسترخاء :

ينصح أصحاب الخبرة في المجال المسرحي بضرورة الاستفادة من تمارين اليوجا والتأمل، حيث أن ذلك النوع من التمارين يساعد على الاسترخاء ويمنح الأشخاص شعوراً بالهدوء والسلام الداخلي مما يساعدهم على التخلص من مشاعر القلق والتوتر التي تعد المسبب الأول لحالة الارتباك المعروفة باسم رهبة المسرح

كذلك تساهم تلك التمارين على تصفية الذهن وتعزز قدرة العقل على الحفظ والتذكر والتركيز، وجميعها أمور يحتاج إليها المسرحي قبل الصعود إلى الخشبة ومواجهة الجماهير الحاشدة، كما تعمل ذات التمارين على تعزيز الثقة بالنفس.

انتبه إلى عناصر النظام الغذائي :

صدق أو لا تصدق فإن النظام الغذائي في يوم العرض المسرحي من الأمور التي قد تساعد على نجاحه، هذا ما أكده خبراء التغذية وكذلك الخبراء في مجال العمل العام ممن اعتادوا مواجهة الحشود الغفيرة، وقد عُرِف عن كوكب الشرق أم كلثوم أن وجبة الغذاء الخاصة بها يوم الحفل الغنائي كانت تقتصر على وجبة مسلوقة خفيفة، قائلة بأن ذلك يجعلها أكثر حيوية وتركيزاً على خشبة المسرح.

من أهم النصائح الغذائية التي قد تساعد في التخلص من رهبة المسرح ودفعك للتألق ما يلي:

• تناول ثمرة واحدة من الموز في منتصف يوم العرض، إذ يعتبر الموز من الثمار الخفيفة عالية القيمة الغذائية التي تساهم في إمداد الجسم بالطاقة اللازمة وفي ذات الوقت لا تثقل الحركة، كما أن العناصر التي يحتوي عليها الموز تقلل من احتمالات الشعور بالغثيان على المسرح.
• يجب الحرص على تجنب الأطعمة مرتفعة السعرات الحرارية أو التي تحتوي نسب مرتفعة من المواد الدهنية، حيث أن الأطعمة الدسمة تسبب الخمول وتسبب الشعور بالنعاس.
• مضغ اللبان قبل أو أثناء العرض يقلل بدرجة كبيرة من الشعور بالتوتر والقلق والضغط العصبي، لكن يجب الحذر من اتباع تلك النصيحة على معدة خالية إذ أن في تلك الحالة قد تتسبب حركة الفكين في تحقيق نتائج عكسية متمثلة في الشعور بالغثيان والرغبة في التقيؤ.

من أهم النصائح المتعلقة بالناحية الغذائية في ليالي العرض هي ضرورة تجنب تناول الكافيين إلا إذا كنت من معتادي تناوله، حيث أن المشروبات ذات الخصائص المنبه مثل الشاي والقهوة والنسكافيه تعتبر مشروبات ذات حدين، حيث تساعد على تنبيه وتنشيط عقول الأشخاص المعتادين على تناولها، بينما قد تتسبب في زيادة درجة التوتر العصبي للآخرين.

ممارسة التمارين الرياضية :

ينصح الخبراء بضرورة ممارسة الرياضة قبل عدة ساعات من الصعود إلى المسرح، على أن يكون ذلك لمدة زمنية تتراوح ما بين 10: 20 دقيقة على الأقل، حيث أن الدراسات العلمية قد أثبتت فعالية التمارين الرياضية في الحد من التوتر والقلق والمساعدة على التخلص من الضغط العصبي المفرط، كما أن التمارين الرياضية تساهم في زيادة معدلات إفراز هرمون الأندروفينات المسؤول عن إمداد الجسم بالطاقة والحيوية.

من أمثلة الأنشطة المثالية التي يمكن الاعتماد عليها خلال فترة النهار التي تسبق العروض المسرحية التالي:

• الركض
• ركوب الدراجة
• قفز الحبل
• تمارين الأيروبيكس البسيطة غير المجهدة

يشار هنا أيضاً إلى أن اللجوء إلى التمارين الرياضية يقتصر على معتادي ممارسة الرياضة، أم البدء في ممارسة النشاط البدني المُجهد للمرة الأولى أو بعد فترة طويلة من التوقف في نفس يوم العرض المسرحي قد يؤدي إلى نتائج عكسية، حيث من الممكن أن يتسبب في زيادة الشعور بالإرهاق والتعب أو التعرض لإحدى إصابات الشد العضلي أو ما شابه.

أذهب إلى المسرح في وقت مبكر :

ينصح المتمرسين في المجال المسرحي بضرورة التوجه إلى موقع العرض في وقت مبكر، يقدر بنحو ساعتين: ثلاث ساعات قبل موعد افتتاح الستار، حيث أن ذلك يساعد الشخص على الإحساس بالسلام الداخلي ويزيد ثقته في نفسه.

الوصول إلى المسرح مبكراً يجعل الشخص يشعر بأنه المسيطر والممسك بزمام الأمور، كما يتيح له الفرصة للاطمئنان إلى أن كل شيء على ما يرام، وأن تجهيزات العرض على اختلاف أنواعها قد تمت على أكمل وجه، وهذا كله يساعده على الاسترخاء ويمنحه شعوراً بالهدوء والسلام الداخلي ويزيد ثقته بنفسه وبالتالي يقلل من درجة شعوره بـ رهبة المسرح

المرونة والقدرة على الارتجال :

من أساسيات التغلب على رهبة المسرح التي يوصي بها المحترفين في مجال العمل العام هي أن يكون الشخص متسماً بالمرونة ولديه القدرة على الارتجال، ويجب عليه الحرص على تنمية هذه القدرة من خلال متابعة الندوات والعروض المسرحية للآخرين وكذلك من خلال ممارسته وتكرار تجاربه مما يكسبه درجة أكبر من الخبرة.

عند اعتلاء خشبة المسرح بهدف تقديم العروض المسرحية التمثيلية أو إلقاء الخطب أو المحاضرات، فهناك قاعدة واحدة تحكم الأمر وعلى كل شخص يقوم بذلك أن يكون عالماً بها، وهي أن الجمهور لن ينتبه إلى الخطأ الذي ارتكبته إلا إذا أخبرته أنت بذلك، فقد ينسى المحاضر أحد السطور أو يخطئ الراقص في إحدى الحركات الإيقاعية التي يؤديها، والحل الأمثل في تلك الحالة هو تجاوز الأمر سريعاً والانتقال مباشرة إلى الخطوة التالية بسلاسة ومواصلة العرض، أما إذا توقف العارض وارتبك فذلك يُشعِر المشاهد بأن هناك خطأ ما وسيزيد من شدة رهبة المسرح بدرجة كبيرة قد تعيقه عن استكمال عرضه.

تجنب النظر المباشر إلى الجماهير :

مواجهة حشود من الجماهير أمر بالغ الصعوبة وكافي للشعور بالتوتر ومن ثم الارتباك في الحركة والتلعثم في الحديث، خاصة بالنسبة لحديثي العهد بهذا المجال وغير المعتادين على مواجهة الناس، لذلك اهتم الخبراء وكبار الممثلين منذ زمن بعيد بإيجاد وسائل لكسر رهبة تلك المواجهة.

خلصت تجارب الخبراء إلى ضرورة تجنب النظر المباشر إلى عيون الجماهير، حيث أن ذلك من مسببات رهبة المسرح الرئيسية، فكلما انتبه مقدم الحفل أو المطرب أو المحاضر إلى كم العيون التي تحملق به ازداد ارتباكاً وتوتراً وبالتالي تزداد احتمالات وقوعه في الأخطاء، لذلك قد يكون من الأفضل النظر إلى حائط بعيد أو معدات الإضاءة أو غير ذلك من الأشياء.

يشار هنا إلى أن المسارح الكبرى اليوم صارت تعين المسرحيين على تحقيق ذلك عن طريق خفض الإضاءة في نطاق صالة الجماهير، مع تسليط الضوء على خشبة المسرح فقط، يعتقد البعض أن ذلك بهدف إضفاء متعة أكبر على العرض المسرحي وجعله أشبه بصالات العرض السينمائي، بينما في الواقع تلك الطريقة تحقق فائدة مزدوجة متمثلة في متعة المشاهد وثقة مقدمي الحفل.

التزام الهدوء وضبط النفس :

من أجل التغلب على رهبة المسرح وتفادي الوقوع في أي أخطاء خلال تقديم العرض أو إلقاء الخطبة لابد من الانضباط والتزام الهدوء وضبط نفس، تلاحظ أن بعض يحاولون إلقاء خطاباتهم بصورة سريعة من أجل إنهاء ذلك الموقف خلال فترة زمنية وجيزة، إلا أن التسرع قد يؤدي إلى نتائج معاكسة ويتسبب في التلعثم والخطأ بشكل متكرر، ولذلك يجب اتباع الآتي:

• التروي في إلقاء الخطاب أو الحوار حيث أن ذلك يجنبك التلعثم كما يساعد على خروج الألفاظ بشكل واضح ومفهوم
• التدريب خلال تجارب الأداء على سرعة إلقاء الحوار المناسبة حيث أن التروي أكثر من اللازم قد يشعر المتلقي بالملل
• تحديد الفترة الزمنية الخاصة بالفقرة الخاصة بك والالتزام بها
• التحرك باستمرار على خشبة المسرح في مختلف الاتجاهات حيث أن الحركة من العوامل التي تساهم في جذب النظر والانتباه

ثق بنفسك :

النصيحة الأخيرة الموجهة من الخبراء في هذا الصدد تتمثل في ضرورة أن تكون واثقاً في نفسك قبل الصعود إلى المسرح، اخبر نفسك دائماً أن هؤلاء الحضور -أيا كان عددهم- ما كانوا ليتركوا منازلهم ويأتون إلى المسرح إلا لكونهم راغبون في الاستماع إليك وأن لديك ما يهتمون به.

كلما ازدادت درجة ثقة الشخص بنفسه انخفضت شدة رهبة المسرح واستطاع التألق وتقديم عرضاً قوياً وجذاباً ومن ثم تحقيق النجاح الذي يطمح إليه، كما يجب تصدير الشعور بالثقة إلى المتلقي نفسه وذلك من خلال الآتي:

• الحفاظ على الابتسامة عند إلقاء الخطب أو إدارة الندوات
• النظر دائماً للأمام وليس إلى الأسفل
• الوقوف دائماً في وضع منتصب مع إبقاء الجسم مشدوداً