كيفية التخلص من الاكتئاب بدون عقاقير كيميائية

التخلص من الاكتئاب هو الهدف الذي يسعى إلى تحقيقه نسبة كبيرة من البشر، خاصة أن تلك النوبات أصبحت خلال السنوات الأخيرة واحدة من الاضطرابات النفسية الأكثر شيوعاً وانتشاراً، ويرجع ذلك للعديد من الأسباب على رأسها نمط الحياة الذي نعيشه والذي تسبب في إضافة الكثير من الضغوط على عواتق الناس، قَسَم العلماء حالات الاكتئاب إلى عِدة أنواع حسب درجة الشدة، إلا أن النوع الأكثر شيوعاً هو ذلك النوع البسيط ذو التأثير المحدود والذي يتمثل في الشعور بالضيق و العجز عن الاستمتاع بالحياة ومع تزايد الرغبة في الانعزال عن الآخرين، وقد وجه الأطباء النفسيين مجموعة من النصائح متمثلة في بعض الإجراءات والعادات التي يمكن من خلالها التخلص من الاكتئاب من هذا النوع وتقليل احتمالات التعرض له.

ماذا تحتاج لتنفيذ هذه التعليمات؟

التعرض إلى أشعة الشمس :

قد يرى البعض أن ذلك الإجراء أبسط من أن يعتد به أو يعتمد عليه في التخلص من الاكتئاب وتحسين الحالة المزاجية، إلا أن كافة الدراسات العلمية التي تناولت ذلك الأمر أثبتت أن الحقيقة على النقيض من ذلك، واعتبرت أشعة الشمس من علاجات الاكتئاب بالغة التأثير.

تعتبر الشمس من مصادر فيتامين د الطبيعية كما أنها تساهم في الحد من تنامي مشاعر القلق والتوتر والضغوط، حيث أن التعرض إلى أشعة الشمس يعمل على تعزيز مستويات مادة السيروتونين في دم الإنسان، بالإضافة إلى مساهمتها في تقوية جهاز المناعة ورفع مستوى كفاءته في مكافحة الفيروسات والملوثات بصفة عامة.

تعتبر أشعة الشمس من وسائل التخلص من الاكتئاب الطبيعية وهي بالغة الفعالية بالنسبة لحالات الاكتئاب التي تصيب البعض خلال الفترات الفاصلة بين فصول السنة، أو ما يعرفه الأطباء باسم اكتئاب الشتاء أو نوبات الاكتئاب الموسمي، وكذلك تساعد في التغلب على اكتئاب الحمل.

ممارسة التمارين الرياضية بانتظام :

لاحظ العلماء من خلال إجراء أكثر من دراسة مقارنة أن الأشخاص من معتادي ممارسة الرياضة البدنية بشكل منتظم ومستمر كانوا هم الأقل عرضة للإصابة بإحدى نوبات الاكتئاب مقارنة بمن لا يمارسون أي نشاط بدني، وقد دفع ذلك العلماء إلى تناول تأثير الرياضة البدنية على الصحة النفسية والحالة المزاجية للإنسان والنتائج كانت مذهلة.

حيث كشفت الدراسات أن المجهود البدني الذي يبذله الإنسان خلال ممارسة الرياضة يعمل على تفريغ شحنات الطاقة السلبية، وبالتالي يساعد على خفض حِدة التوتر و التخلص من الاكتئاب ومشاعر الضيق والإحساس بالضغوط، إذ أن الرياضة تحفز الجسم لإنتاج مادة الأندروفين بنسب أعلى وهي المادة الكيميائية التي تتوفر في الجسم بشكل طبيعي والمسؤولة عن تحقيق الانتعاش والشعور بالحيوية والإيجابية.

ممارسة الرياضة هنا -على عكس الاعتقاد الشائع- لا يقصد بها التوجه إلى صالات الألعاب الرياضية والقيام بمزاولة التمارين المُجهدة والشاقة مثل رفع الأثقال وما شابه، بل يمكن الاكتفاء بممارسة بعض تمارين الأيروبكس البسيطة في المنزل أو المشي لمسافات مناسبة أو استخدام الدراجة.

احصل على قسط مناسب من النوم :

تعتبر نوبات الأرق واضطرابات النوم من أسباب الاكتئاب الرئيسية والعكس صحيح أي أن الحصول على قسط وافر من الراحة والنوم العميق من العوامل الأساسية اللازم توافرها من أجل التخلص من الاكتئاب وإفراغ شحنات الطاقة السلبية ومن ثم استقبال اليوم الجديد بكامل النشاط والحيوية.

التخلص من الاكتئاب من خلال النوم يتطلب توافر بعض الشروط التي تضمن الوصول إلى درجة العمق اللازمة لاسترخاء العقل والمعروفة بمسمى حالة السُبات التام، ويمكن تحقيق تلك الفائدة والحصول على نوم عميق ومستكين من خلال الآتي:

• ينصح الخبراء بالحصول على فترة نوم تتراوح ما بين 6 : 8 ساعات
• يفضل أن يكون النوم خلال ساعات الليل حيث يصعب على العقل الوصول إلى درجة السبات المطلوبة في فترة النهار
• تناول أحد مشروبات الأعشاب أو كوب من الحليب الدافئ قبل النوم حيث تساعد على الاسترخاء وتعمل على تهيئة الجسم للنوم
• تناول وجبة العشاء في وقت مبكر نسبياً مع تجنب احتوائها على أي من أنواع الأطعمة الدسمة أو التي تتضمن نسب مرتفعة من الدهون
• يمكن الاستحمام قبل التوجه إلى الفراش إذ أن جريان الماء على الجسم من العوامل التي تساعده على الاسترخاء
• تجنب ممارسة أي نشاط ذهني قبل النوم مباشرة مثل العمل أو استذكار الدروس وغير ذلك حيث أن تلك الأعمال تنشط العقل ومن ثم تمنع تعمقه في النوم

اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن :

يمكن التخلص من الاكتئاب عن طريق التخلص من العوامل المسببة لوقوع الإصابة به، وقد أكدت الأبحاث العلمية أن نوبة الاكتئاب البسيطة أو المتوسطة تنتج في كثير من الأحيان عن سوء النظام الغذائي، سواء كان السوء ناتج عن استهلاك كميات زائدة من الأطعمة تفوق حاجة الشخص إليها أو انخفاض حصته منها.

يرى أطباء النفس وخبراء التغذية على أن اتباع نمط حياة صحي من أهم الأمور اللازمة لضمان التغلب على نوبات الاكتئاب المتكرر وكذلك تفادي التعرض لها مرة أخرى في المستقبل، وفي هذا السياق حددوا مجموعة الأطعمة التي يجب الامتناع عنها أو تقليل النسب المستهلكة منها على أقل تقدير، وقد شملت القائمة الأطعمة الجاهزة والوجبات السريعة حيث تحتوي على نسب عالية من الدهون المشبعة وكذلك مشروبات الطاقة والمياه الغازية لما لها من تأثير مشابه، أما الحلويات بأنواعها فقد أوصوا بضرورة خفض حصة الفرد منها وتناولها بكميات صغيرة على فترات متباعدة نسبياً.

النظام الغذائي وحده غير كافي لجعل نمط حياة الفرد بشكل عام صحياً ومتوازناً، إنما يمكن تعزيز ذلك بالعديد من العوامل الأخرى مثل الانتظام في ممارسة الرياضة بشكل دائم والحصول على قسط جيد من النوم، علاوة على الامتناع عن مختلف العادات الضارة بالصحة مثل التدخين أو تناول المشروبات الكحولية وغير ذلك.

تناول الأطعمة من أجل التخلص من الاكتئاب :

في سياق الحديث عن النظام الغذائي وقدرته على التخلص من الاكتئاب والمشاعر السلبية، حدد الخبراء مجموعة الأطعمة الأكثر فاعلية في هذا الصدد، وعلى وجه الخصوص مجموعة المصادر الغذائية التي تحتوي على نسب عالية من الدهون الصحية أو أحماض أوميجا-3 والمركبات المضادة للأكسدة ومن بينها:

• الأسماك بأنواعها وعلى وجه الخصوص سمك السلمون وسمك السردين
• المكسرات بشكل عام والجوز على وجه الخصوص
• جوز الهند
• ثمار الأفوكادو
• البصل والثوم
• البطاطا الحلوة

تناول الشيكولاتة الغامقة :

ينصح الأطباء وخبراء التغذية الأشخاص الذين يعانون من نوبات الاكتئاب البسيط بشكل متكرر بتناول قطع صغيرة من الشيكولاتة الداكنة، حيث أثبتت الدراسات التي تناولت خصائص الشيكولاتة وأثرها الصحي أنها تساهم بشكل فعال في التخلص من الاكتئاب والشعور بالضيق.

يرجع السر في ذلك إلى احتواء الشيكولاتة الداكنة على نسب مرتفعة من مادة الفينيل أمين التي تعمل على تحفيز إنتاج بعض الهرمونات المتحكمة في اعتدال الحالة النفسية والمزاجية مثل الدوبامين و السيروتونين والمعروف كذلك باسم هرمون السعادة، ومن ثم تقلل من الشعور بالضغط والتوتر وتعمل على معادلة الحالة النفسية للإنسان.

يشار هنا إلى أن الشيكولاتة الداكنة من الأطعمة ذات القيمة الغذائية المرتفعة وتنعكس على الصحة العامة للإنسان بالعديد من الآثار الإيجابية، لكن في النهاية ينصح الخبراء بضرورة تناولها بكميات معتدلة وبدون إفراط، كما أن أشارت بعض الدراسات أن الاعتماد على نوع محدد من الأطعمة في التخلص من الاكتئاب قد يؤدي إلى أضرار عديدة على المدى البعيد حيث يصبح الأمر مع مرور الوقت أشبه بحالات الإدمان، لذا يجب مراعاة الاقتصاد في استهلاك الشيكولاتة والتعامل معها باعتبارها أحد العناصر المعززة وليس علاج الاكتئاب الرئيسي.

قضاء أوقات ممتعة برفقة الأصدقاء :

من الأساليب الفعالة في التخلص من الاكتئاب والوقاية منه الحرص على قضاء بعض الأوقات الممتعة، حيث أن تلك الأوقات التي نقضيها بصحبة الأصدقاء والعائلة وأي من الأشخاص المقربين تساهم في القضاء على الشعور بضغوط الحياة على اختلاف أنواعها وتساعد على تصفية الذهن وتهدئة النفس، بل أن بعض الدراسات قد ذهبت إلى أن تلك الأوقات تعيد شحن الطاقة وتجعل الإنسان أكثر حيوية ونشاطاً وقدرة على الإنتاج.

الأوقات الممتعة لا تتطلب الانتقالات لمسافات بعيدة أو الحصول على فترات إجازة طويلة، فمجرد التواجد برفقة الأشخاص المقربين في مكان ما كفيل بجعل الفرد يشعر بالسعادة والرضا ويتخلص من الأفكار السلبية المسيطرة عليه ومن ثم التخلص من الاكتئاب وشعور الضيق.

فقط احرص على التواجد برفقة الأصدقاء مرة كل أسبوع على الأقل، توجه معهم إلى إحدى دور السينما أو أحد المقاهي أو غير ذلك من أماكن الترفيه والتنزه، أو يمكن حتى الاكتفاء بالاجتماع في منزل أحدهم وتبادل الحديث أو ممارسة إحدى الألعاب البسيطة.

الاستفادة من العلاج العطري :

تعتبر الروائح من المثيرات المنبهة للعقل والتي لها تأثير مباشر وبالغ على الحالة النفسية والمزاجية للأشخاص، ولهذا فقد حاول الخبراء الاستفادة من تأثير حاسة الشم في التخلص من الاكتئاب والتغلب على نوبات الإحساس بالضيق.

ينصح الخبراء بضرورة الحرص على أن يكون محيط الأفراد معطراً طيب الرائحة سواء في المنزل أو مقرات العمل، وذلك من خلال استخدام معطرات الهواء المنعشة متعددة الروائح أو استخدام الفواحات العطرية رخيصة الثمن، فذلك الإجراء رغم بساطته إلا أنه ذو فعالية في تحسين الحالة المزاجية للشخص.

يمكن كذلك التخلص من الاكتئاب بشكل مباشر عن طريق استخدام مجموعة العلاجات العطرية، وهي عبارة عن مجموعة من الزيوت العطرية طيبة الرائحة، ويرى الخبراء أن بعض الروائح أكثر فعالية من الأخرى وينصحون باستخدام روائح (المسك، الليمون، اللافندر، البرتقال).. تباع تلك الزيوت في عبوات بخاخة يمكن نشر رذاذها على ظهر اليد واستنشاقها بعمق، كما يمكن استخدام الزيوت نفسها في تدليك الجسم (مساج)، حيث أن ذلك يطيب رائحة الجسم بالكامل ويحقق الانتعاش ويعادل الحالة النفسية للفرد بالإضافة إلى أن خصائص تلك الزيوت تساعد على تعزيز صحة الجلد وترطيبه والحفاظ على نضارته.

لا تخجل من استشارة الطبيب النفسي :

للآسف الثقافة الشعبية في أغلب الدول العربية ترى أن زيارة عيادات الطب النفسي انتقاصاً من قدر الأشخاص، حيث أن الأغلبية يخلطون بين الاضطراب النفسي والخلل العقلي، لكن الحقيقة أن النفس تمرض مثلها مثل البدن بالضبط وكثيراً ما تحتاج إلى الحصول على الرعاية الصحية اللازمة لاستعادة توازنها وعافيتها مرة أخرى.

بعض حالات الاكتئاب يصعب التخلص منها بشكل طبيعي، خاصة تلك الحالات التي تكون ناتجة عن التعرض إلى أي صدمات عصبية مثل فقدان شخص مقرب أو التعرض إلى أزمة طاحنة، وفي تلك الحالة ينصح الخبراء بعدم التردد في التوجه إلى استشاري الصحة النفسية وطلب العون منه في تخطي الأزمة والمساعدة في التغلب على الاكتئاب.